الأربعاء، 17 مايو 2017

الحلم السعودي والحلم الأمريكي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحلم السعودي والحلم الأمريكي

الرياض 1/4/2015م
طالما تأملت مقولة (الحلم الأمريكي) هذه العبارة السحرية التي يرددها كل مواطن أمريكي تقريباً عدة مرات سنوياً ويسعى إلى الوصول إليها وذلك في إطار متابعتي للتاريخ السياسي والاقتصادي لأكبر دولة في عصرنا رغم حداثة نشأتها والتي لا تتعدى 229 عام مقارنة مع دول الحضارات في آسيا وأوروبا وأفريقيا ، لماذا الحلم الأمريكي وكيف نشاء وما علاقته بما وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية من مكانة عظمى حتى أصبحت سيدة العصر . التعريف الأشمل والأكثر تداولاً للحلم الأمريكي هو (أنه مع الكثير من العمل الجاد والجرأة والإرادة والمثابرة يمكن الوصول للرفاهية في الحياة والثروة).

وعبارة الحلم الأمريكي يرددها بكل فخر كل من وصل إلى تحقيق النجاح المادي وكون أول مليون دولار في حياته العملية إضافة إلى قائمة طويلة من رجال الأعمال الذين وصلوا بإنجازاتهم للعالمية . ومن التعريف السابق يتضح أن الحلم الأمريكي هو حلم اقتصادي مادي والبحث عن الحرية الاقتصادية والحرية في كسب المال يما يتطلبه ذلك من حريات سياسية واجتماعية هي المحرك الرئيسي لتأسيس هذه الدولة . حيث جاء المهاجرون الأول من إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا هرباً من الفقر والبطالة والاستبداد السياسي وتعسف الكنيسة والحروب الطاحنة والكساد في مختلف مناطق أوروبا ونظام الاقطاع العقاري المستبد.

إلا أننا إذ بحثنا أبعد من ذلك عن الكيفية التي تمت بها تأسيس المستعمرات الأولى في أمريكا الشمالية فقد كانت أيضاً بتمويل من مجموعات  تجارية تبحث عن الربح حيث أن أول مستعمرة وهي جيمس تاون والتي تعرف الآن بفرجينيا ، تأسست بموجب امتياز منحه الملك شارل الأول ملك إنجلترا لشركة فرجينيا وحدد الامتياز شروط المنح وأسلوب إدارة المستعمرة وتم ذلك بقيادة الكابتن جون سميث وتعلم المهاجرون الأوائل أساليب الزراعة والتأقلم مع الحياة الجديدة بمساعدة الهنود الحمر الذين كانوا في البداية يتبادلون المصالح على أساس من حسن النوايا من الجانب الهندي . فالمستعمرات كانت شركات مساهمة أسسها مستثمرون وعقاريون إنجليز وأدارها واستفاد من ثمارها وأرباحها أيضاً المستوطنين.

ولعلي فيما يلي اقدم موجزا للتاريخ الامريكي امل ان يستقيد القاده والسياسين والاقتصاديين والمهتمون بالشئون الاجتماعيه والتنميه البشريه وكل مهتم بمعرقة ثقافه الاخر اللذي يلعب دورا اساسيا فى كل شئون الحياة وعلى كافة المستويات.

وكان تأسيس جيمس تاون عام 1607م كما منح الملك شارل الأول عام 1610م امتياز تأسيس مستعمرة ريشتموند لمجموعة من المسثمرين وفي عام 1624م أعلنت فرجينيا مستعمرة ملكية بعد اكتمال تأسيسها . كما منح مجموعة من المستثمرين حق تأسيس مستعمرة نيوانقلاد وكانوا من المناهضين للكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا ثم منح عدد من الأرثوذكس حق تأسيس مستوطنة ماساسوشت وأسسا نظام حكم مستقل عن الملك وفي نفس العام انفصل القس وليام روحرز عن الكنيسة الأرثوذكسية في ماساسوشت لبيشتري جزيرة رودايلاند من الهنود الحمر ويقيم عليها أول مستوطنة قائمة على أساس فصل الدين عن الدولة ومنذ ذلك الوقت أصبح فصل الدين عن الدولة متبعاً في أغلب المستوطنات.

كما أسس الهولنديون مستعمرة نيويورك عام 1617م . كما حصلت أسرة كالفيرتي المرموقة حق امتياز تأسيس مستوطنة ميرلاند على نهر البوتومك . ووصلت أول دفعة من العبيد الأفارقة عام 1619م أي بعد 12سنة من تأسيس جيمس تاون وقد بلغ عدد المستوطنات التي أصبحت ولايات 13 مستوطنة وأصبحت زراعة وتصدير القطن والأخشاب والزيوت والتبغ مصدر الدخل الأساسي لهذه الولايات وتصدر إلى بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى.

وفي عام 1690م بلغ إجمالي السكان (50.000) نسمة ليصبح عام 1775م (2.500.000) نسمة . ولم يكن هناك وجود كبير أو مؤثر لحكومة الملك في بريطانيا ويمكن القول أن المستعمرة عبارة عن شركة مساهمة مؤسسة بموجب مرسوم ملكي من ملك بريطانيا العظمى لتكون لاحقاً تحت سيطرة حكومته ومصدر هام للدخل والنفوذ لبريطانيا العظمى.

ولكن تدريجياً كان مركز الحكم يتحول من سيطرة حكومة جلالة الملك إلى سيطرة مجالس الولايات.

وفي عام 1663م سلمت فرنسا كل من كندا والبحيرات العظمى لبريطانيا أثر الحرب الهندية الفرنسية ، حتى أن الثورة الأمريكية ضد بريطانيا كانت أسبابها اقتصادية مالية بعد فرض حكومة الملك ضرائب على تجارة السكر والكماليات والقهوة عام 1763م ثم حملت حكومة الملك المستعمرات ميزانية ونفقات الجيش الملكي في كل ولاية عام 1765م ثم فرضت طابع دمغة على كافة المعاملات التجارية والعقود والوثائق الرسمية لصالح الدفاع عن المستعمرات ثم وفي عام 1773م منحت الحكومة البريطانية شركة الهند الشرقية حق التوزيع الحصري للشاي في أمريكا مباشرة للمتاجر والموزعين متجاوزة بذلك كبار تجار الجملة أصحاب المصالح والنفوذ مما جعل صموئيل آدم ورفاقه يقومون بتفريغ سفن الشاي في مياه بوسطن مما أدى إلى قيام حكومة الملك جورج الثالث بمعاقبة المستعمرات حتى تم دفع ثمن الشاي وصادرت أيضاً مساكن خاصة لسكن جنود جيش الملك مما أدى إلى اجتماع أول كونجرس للولايات في الخامس من سبتمبر عام 1774م نتيجة لقتل 93 أمريكي وقررت الولايات تعيين جورج واشنطن قائد للقوات الأمريكية المشتركة وبدأت الحرب بهزائم وانتصارات ومد الفرنسيون الأمريكيين بـ 14 سفينة سلاح وذخائر أدت إلى انتصارهم وتشكيل لجنة صياغة بيان الاستقلال برئاسة توماس جفرسون في 4 يوليه 1776م ولم يتم الاتحاد في حينه فقد قامت كل ولاية بإعداد دستورها الخاص بها وكان الجامع بين هذه الدساتير مبدأ الحريات العامة وحقوق الفرد على الولاية وحق المواطنة والحريات الأساسية وحرية تقرير المصير إضافة إلى فصل الدين عن الدولة والذي كان السبب الرئيسي له هو تسلط الكنيسة في أوروبا.

واستغرق الأمر الكثير من الاجتماعات والمفاوضات التجارية والاقتصادية والمالية بين كل ولاية وولاية أخرى كما يجري الآن في منظمة التجارية العالمية ثم محاولات لتوحيد العملات والأنظمة التجارية والمالية والاقتصادية حتى تم الاجتماع في 1787م في شهر مايو في فلادلفيا في المؤتمر الفدرالي الأول وعرض على المؤتمر أول دستور اتحادي ثم اجتمع أول كونجرس في نيويورك عام 1789م في شهر سبتمبر وفي نفس الوقت اختير جورج واشنطن رئيساً اتحادياً وأسس أول بنك أمريكي عام 1791م . وقد قطعت العلاقات مع فرنسا عام 1797م إثر مصادرة فرنسا لـ 300 سفينة أمريكية بسبب رفضها مساندة فرنسا ضد بريطانيا وأسبانيا وهولندا وهذا حادث اقتصادي ويلاحظ أن أمريكا لم تدخل في أي حرب منذ تأسيسها وحتى الحرب العالمية الأولى إلا بسبب أحداث اقتصادية تجارية تمس سلامتها وأمنها الوطني.

واستمرت الهجرة بأعداد متزايدة خلال القرن التاسع عشر حتى أثناء الحروب والأزمات السياسية ومنذ الاستقلال عن بريطانيا ظهرت مقولة الحلم الأمريكي وتأصلت مع الهجرة غرباً بحثاً عن الذهب والمعادن الثمينة . وظهرت الكثير من الروايات الأدبية حول هذا الحلم. ومنذ عام 1800م كانت كافة الولايات تعطى أولوية للأنظمة والقوانين الاقتصادية والتجارية والحريات التي تدعم الرخاء الاقتصادي مع التشريعات العدلية الحافظة للحقوق  والتأكيد على الرقابة ومبدأ مثاليات العمل التجاري ومحاربة الفساد . إلا أن ما كان يعيب هذا الاتحاد هو تجارة العبيد في الجنوب والتي ازدهرت لأسباب اقتصادية أيضاً. إضافة إلى موضوع العبودية كان قانون ترحيل الهنود عام 1830م إلى مناطق محصورة وبطريقة غير إنسانية ووحشية تتعارض مع روح العدل والسلام الواردة في الدستور الأمريكي.

وفي عام 1823م أعلن الرئيس مونرو أن أمريكا لن تسمح بعودة الاستعمار الأوروبي للدول المحررة في أمريكا الوسطى والجنوبية وأقام علاقات اقتصادية تجارية مزدهرة معها وفي عام 1823م استكمل تنظيم البنوك والمصارف والتأمين والتمويل الصناعي والزراعي وأصبحت الولايات تصنف على أساس مشروعه العبودية فيها فولايات الجنوب ولايات عبودية وولايات الشمال لا تجيز العبودية.

وفي عام 1850م انضمت كاليفورنيا ونيوهامشر ورودأيلاند وأوهايو للاتحاد وتم تأسيس التعليم المجاني وظهرت صحوة دينية تكفيرية أدت إلى تحريم الخمور وضعها في 3 ولايات عام 1875م. وبرز الاهتمام برعاية حقوق السجناء وتأهيلهم ومنحهم حقوقهم المدنية . إضافة إلى الاهتمام ورعاية المعاقبين والمرضى النفسيين . وأسست أول جمعية لحقوق المرأة عام 1869م حيث أسست الجمعية الوطنية الأمريكية للمرأة بمدينة نيويورك . وبلغ عدد السكان عام 1852م (23.000.000) نسمة واكتشف النفط في ولاية بنسلفانيا عام 1859م. وأخذت مشكلة العبودية اتجاهاً جديداً حيث قامت 2000 مؤسسة ومنظمة مناهضة للعبودية منها 200.000 عقد بطلب إلغائها نهائياً وهذه المؤسسات والمنظمات في الولايات الشمالية والشرقية والوسطى . ورفضت الولايات الجنوبية ذلك لأهمية العبودية الاقتصادية لها وفي مارس 1861م أقسم أبراهام لبنكلون اليمين بعد شهرين من إعلان أربعة ولايات جنوبية انسحابها من الاتحاد وهاجمت القوات الفدرالية في هذه الولايات . كما أسست الولايات المنفصلة كونفدرالية الولايات الأمريكية . وبدأت الحرب الأهلية في أبريل 1861م بين 23 ولاية شمالية فيها 22 مليون نسمة و 11 ولاية جنوبية يسكنها 9مليون نسمة . وأعلن أبراهام لنكلولن في يناير 1863م إن كافة العبيد في الولايات المحاربة ضد الاتحاد أحرار وأعلن توظيف وتجنيد السود في الجيش الأمريكي وانتصر الاتحاد وانتهت الحرب في 9 أبريل 1865م وبدأ عهد ما بعد الحرب الأهلية والمعروف تاريخياً بعصر التعمير إشارة إلى تعمير الجنوب الذي دمرته الحرب الأهلية وفي عام 1866م منح كافة السود كامل حقوق المواطنة وصدر التعديل الخامس عشر للدستور في 1870م والذي منح السود حق التصويت والمواطنة الكاملة لكل مواطن بغض النظر عن الجنس واللون ، كما صدرت قوانين تعاقب من يحرم السود من حقوقهم المدنية.

بدأ بعد الحرب الأهلية عهد من الرخاء العلمي والصناعي والزراعي حيث سجل مابين عام 1860م وعام 1890م (440.000) برأة اختراع وتطور الطب والتعليم وبلغ عدد براءات الاختراع مليون براءة اختراع وفي بداية القرن العشرين بدأ ظهور الشركات الكبرى في مجال النفط والحديد والمواصلات وصدرت قوانين تنظيم التجارة والنقل بين الولايات وحماية الصناعة المحلية ضد المنافسة الدولية عام 1890م وصدر في نفس العام قانون مكافحة الاحتكار والتجارة العادلة . وفي عام 1910م خصص الكونجرس أموالاً للتطوير والأبحاث الزراعية وجلبت آلاف البذور والشتلات من مختلف بقاع العالم للولايات المتحدة . إلا أنه وللأسف حتى ذلك التاريخ لا زالت الحرب والاضطهاد ضد الهنود الحمر مستمر حتى صدر قانون 1934م الذي ينظم أوضاع الهنود الحمر وكانت قد بدأت حملة واسعة لتطوير وتحديث الأسطول البحري الأمريكي الذي أصبح يلعب دوراً هاماً في مساندة حركات التحرر ضد الاستعمار في المحيط الهادي وساندت أمريكا تحرر كوبا والفلبين من أسبانيا مع دفع مبالغ تعويض لأسبانيا. كانت أمريكا خلال تاريخها مهتمة بالحريات وتقرير المصير والتنمية والرخاء الاقتصادي والاجتماعي . تمت التجارة مع الصين والتي تأسست عام 1889م من خلال مبدأ الباب المفتوح الذي تبنته الإدارة الأمريكية والذي يمنح كافة الدول حرية التجارة مع الصين بدون امتيازات خاصة لأي جهة وهذا ناقص التسلط الأوروبي على الصين .

وفي بداية القرن العشرين صدرت قوانين للقروض الصناعية والزراعية وقوانين تنظيم العمل وتحديد ساعات العمل وتعويضات العمال وبلغ عدد المهاجرين في أول 15سنة من القرن العشرين 13 مليون مهاجر. نصفهم من أصول إنجليزية وتفادت أمريكا الدخول في الحرب العالمية الأولى مراراً حتى أغرقت ألمانيا سفن تجارية أمريكية مما أدى إلى دخول أمريكا للحرب في يناير 22عام 1917م وبلغ عدد الجنود الأمريكيين المنخرطين في الحرب والموجودين في فرنسا وحدها أثناء الحرب العالمية الأولى 1.750.000 جندي.

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وأثناء مفاوضات فرساي حاول الرئيس ولسون قبض ثمن النصر وطالب كل من فرنسا وبريطانيا والدول الاستعمارية الأخرى أن تشمل اتفاقية السلام حرية الملاحة الدولية وحرية التجارة وإلغاء الرسوم الجمركية وحق تقرير المصير للشعوب المستعمرة وتأسيس عصبة الأمم إلا أنه فشل في أغلب ذلك نظراً لرفض فرنسا وبريطانيا . وكان هاجس حرية التجارة وعدم سيطرة الدولة على كافة جوانب الحياة هو المسيطر الأكبر على مفاوضات الاتحاد الأمريكي منذ بداية ومحل نقاش حاد بين المؤسسين الكاندرهاملتون وتوماس جفرسون.

فقدت أمريكا (500.000) مواطن نتيجة وباء الأنفلونزا عام 1918م . كما واجهت أول موجة إرهاب منظم عام 1918م حيث وجه 40 طرد ملغم إلى عدد من كبار المسئولين الفدراليين . وفي عام 1919م منحت المرأة حق التصويت. وكان كل رئيس يجعل عند إعداد حملته الانتخابية الهاجس الاقتصادي والتجاري والمالي في مركز اهتمامه . وأثر موجة التحريم والتكفير الثانية عام 1919م. صدر التعديل 18 للدستور ومنحت بموجبه تجارة وتصنيع وتوزيع الخمور وألغي هذا التعديل عام 1933م أثر سوء استخدامه من عصابات المافيا والمهربين . إلا أن أمريكا دخلت تجربة الركود الاقتصادي الأقسى في تاريخها عام 1929م أثر انهيار سوق الأسهم ولم تتعافى منه حتى عام 1940م في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت الذي بادر إلى معالجة النظام المصرفي وتأسيس الشركة الفدرالية للتأمين على الودائع المصرفية. وتم تأسيس شركات للحماية المدنية.

أثر دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية انخرط 65 مليون أمريكي في النشاط الحربي مباشرة أو في الخدمات المساندة للحرب حيث تم صنع 60 ألف طائرة حربية و (45000) دبابة و (20000) مدفع مضاد للطائرات و 18 مليون طن من البضائع المشحونة بحراً.

هنا ظهر التغير الهام في السياسة الأمريكية وبرزت الصورة الإمبربالية وبدأت الحرب الباردة وأصبح الاقتصاد العامل الثاني بعد السياسة وأصبحت المصالح السياسية هي المهيمنة على السياسة الأمريكية الخارجية واستخدمت أمريكا المقاطعة والحصار الاقتصادي والمالي كأول سلاح في كل مواجهة عبر تاريخها كأداة لتحقيق أهدافها.

ونتيجة للنهضة الصناعية بسبب الحرب تضاعف الناتج القومي المحلي من 200مليار دولار 1946م إلى 500 مليار دولار عام 1960م وأظهرت الشركات الكبرى سيطرتها على الاقتصاد المحلي الدولي.

وأصبح لها نفوذ هام في تحديد أهداف السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية عبر التأثير بواسطة جماعات الضغط على صناع القرار في الكونجرس.

وانتصرت حركة الحقوق المدنية وحصل السود أخيراً على حقوقهم بقانون 1964م ثم حصل الأمريكيين من أصول لاتينية على حقوقهم الدستورية ودخلوا الحياة السياسية ووصل أول سناتور من أصل لاتيني إلى الكونجرس عام 1992م. ونجحت الحركة الهندية الأمريكية في منح الهنود حقوقهم بموجب قانون 1968م.

مما تم سرده سابقاً من محطات هامة في التاريخ الأمريكي يتضح حجم التأثير الاقتصادي والمالي في هذا الحلم عبر مراحل نمو هذه الدولة حتى هذا اليوم نجد أن هموم الشعب الأمريكي اقتصادية مالية من الدرجة الأولى سواء بين ولايات الاتحاد نفسها أو مع الصين واليابان والاتحاد الأوروبي ونمور آسيا . وقد ظهرت هذه القوة على السطح العالمي بسبب مساحتها الهائلة التي تحتوي على ثروات هائلة تم تسخيرها وعدد السكان الضخم الذي ساعد على استغلال واستخدام هذه الثروات . وأصول سكانها المتعددة التي أعطت البعد الدولي حتى في الشؤون الداخلية الأمريكية.

ويجب أن لا ننسى أنه لولا الاهتمام برفاهية الشعب ورخاءه العلمي والاقتصادي والثقافي وضمان حصوله على متطلبات الحياة . إضافة إلى ما أسست عليه هذه الدولة من حريات شخصية وعدالة في الممارسة القانونية والتجارية والاقتصادية ومساواة اجتماعية لم يكن لأي أمريكي أن يحقق حلمه. و قبل كل ذلك يعلم كل رئيس أمريكي ومسئول في الكونجرس أنه سيحاسب من كل مواطن له حق التصويت إذا أخل الرئيس و المسئول بواجباته وانتهك أي من حقوقه التي تمنع أو تعطيل تحقيق حلمه.

وهنالك وقفة لا بد منها وهي هل الولايات المتحدة الأمريكية التي نتكلم عنها هي من ثراها اليوم تتخبط في سياساتها الدولية وتجلب المآسي لشعوب العالم المختلفة وتحاول لعب دور الفتوة في الشرق الأوسط الجواب نعم هي تلك الدولة التي تحدثنا عنها لكن وجهت نظري تقول أنه منذ نشاط اليهودية الصهيونية وتنظيمها في الولايات المتحدة كنتيجة للحرب العالمية الأولى والثانية تم إتخاذها مع المسيحية الصهيونية هو ما أدى إلى تنفيذ أجندة خاصة تتعارض حتى مع روح ومبادئ الدستور الأمريكي.

ويمكن عرض أهم ملامح الحلم الأمريكي في النقاط التالية:

1-     الحلم الأمريكي مادي اقتصادي ويركز على المال كأساس لحياة ناجحة وسعيدة.
2-     الحلم الأمريكي يعتبر المال وسيلة وليس غاية.
3-  مصادر الكسب في الحلم الأمريكي كثيرة منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع.
4-     كان الحلم الأمريكي حلم عنصري حتى فترة قريبة.
5-     قام الحلم الأمريكي على تدمير أحلام آخرين مثل الأفارقة السود والهنود الحمر.
6-  يستمد الحلم الأمريكي طاقته من حرية غير محدودة قد تتعدى على حريات الآخرين.
7-     الحلم الأمريكي قام على أساس فصل الدين عن الدولة.
8-     يتأثر الحلم الأمريكي بالركود والانتعاش الاقتصادي.
9-  من مصلحة الحكومة الأمريكية دعم وتشجيع الحلم الأمريكي لأن النجاح سيجلب المزيد من الضرائب لخزينة الدولة.
10-  كما أن الحلم الأمريكي قائم على أساس مبدأ الشفافية وتساوي الفرص والحقوق والواجبات بنص الدستور.
11-     الحلم الأمريكي مبني على أساس أن زيادة الدخل مع زيادة العمل والجهد.
12-  الحلم الأمريكي يمنح مالكه عدد من الفرص والمحاولات لتحقيق النجاح ويهيئ له المناخ المناسب لذلك.
13-  الحلم الأمريكي متاح لكل مواطن وغير مواطن بغض النظر عن جنسه أو لونه أو مؤهله.
14-     الحلم الأمريكي نتائجه وثماره عالمية وغير محصورة المكان.
15-     الحلم الأمريكي تجربة معروضة للغير للاستفادة منها.
16-     الحلم الأمريكي مفتوح للجميع سواء بعلمهم أو مالهم وعوائده متاحة لهم أيضاً.


الحلم السعودي
من الوقفات المؤثرة في حياتي حديث والدي وما يذكره فضيلته عن حياته وجيله في عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه حتى كأنه يتحدث عن عهد التابعين وفي الوقت الذي كان الجانب العسكري من تأسيس دولة الوحدة بقيادة الملك عبد العزيز محل التنفيذ دخنة كانت هنالك نهضة علمية في الرياض ومركزها دخنة وفي الحرم المكي حيث حلقات العلم المتخصصة في كافة علوم الدين . وكان يكفي أن تكون طالب علم مجتهد ليفتح لك مجلس الملك وتقضي حاجاتك وتلبي متطلباتك الحياتية وذلك لتحقيق الراحة لمن يطلب العلم وقد حصص الملك رجال معروفين للقيام بهذه الأمور. أيضاً كانت هناك بداية نهضة حضرية اجتماعية بدخول مستلزمات الحياة الحديثة من سيارات وهواتف وأجهزة البرقيابت والمعدات الزراعية والطبية ثم أسست أرامكو فنهضت المنطقة الشرقية وبنت جيلاً من رجال الأعمال من مختلف مناطق المملكة كان لهم لاحقاً دور مؤثر في النهضة الاقتصادية . وكما كانت الولايات المتحدة ملجأ لكل طالب للحرية حسب فلسفة كل شخص ونظرته للحياة أصبحت المملكة ملجأ لكل طالب علم ومضطهد في دينه وطالب للحياة الكريمة والفرصة الاقتصادية من مختلف شعوب العالم الإسلامي . وغيرها من شعوب العالم. وانتقلت آلاف الأسر السعودية من حالة الجهل إلى العلم ومن الفقر للغنى ومن المرض للصحة ومن الإقليمية إلى العالمية واتسع نطاق المستفيدين من موارد الدولة لتشمل الجميع بسبب الطفرة المالية التي أحدثت نقلة ثقافية علمية اجتماعية اقتصادية صناعية مما اعتبر من المعجزات في تاريخ الشعوب.

وقد مرت المملكة بعدة مراحل منذ نشأتها بداية بمرحلة التوحيد التي استمرت قرابة 31 عام ثم مرحلة قيام الدولة الحديثة ثم مراحل التنمية الصغرى والكبرى في مجال التعليم والاقتصاد والاجتماع ثم مرحلة النمو الكبيرة التي نعيشها اليوم.
  

أهمها بداية تأسيس مجلس الوكلاء الذي تحول لاحقاً إلى مجلس الوزراء وتأسس أول مجلس شورى بالحجاز.

ثم احتلال فلسطين وقيام دولة إسرائيل والمعركة من أجل تعليم المرأة ثم دخول التلفزيون والمد القومي الناصري وآثارها التي وجهت بالدعوى للتضامن الإسلامي. ثم الحروب الإسرائيلية من الهزائم إلى النصر ثم اغتيال الملك فيصل طيب الله ثراه ثم مؤامرة جهيمان على الحرم المكي . ثم الطفرة الأولى . والثورة الإيرانية وحرب الخليج الأولى ثم حرب الخليج الثانية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية ثم تأسيس مجلس الشورى بصورته الجديدة ولا أنسى الركود الاقتصادي وعجز الميزانية المتواصل من عام 1983م حتى 2004م ثم موج.

واليوم نعيش جملة من التحولات الإيجابية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً في مناخ غير مسبوق من العدالة الاجتماعية والشفافية والحكم الرشيد.

ذكرت المقدمة السابقة لأصل إلى السؤال الهام وهو هل يوجد حلم سعودي كما يوجد حلم أمريكي . الجواب نعم وبكل تأكيد فالمؤسس الملك عبد العزيز كان عنده حلم تأسيس هذه الدولة والذي أصبح حقيقة بدخوله الرياض عام 1902م ولكل سعودي حلمه الخاص به لكن هل يوجد حلم سعودي يمكن أن يكون محدد التعريف كالحلم الامريكي أجبت أيضاً بنعم وهنا أود الحديث عن جيلي مواليد ممن هم اليوم في الأربعينيات من أعمارهم . وبحكم معاشرتي ومعرفتي بشرائح كبيرة وشخصيات بناءة ومؤثرة في مجتمعنا السعودي سواء من تلقى تعليمه في الداخل أو الخارج وفي نطاق عريض من العلوم والمعارف . أو أن أقدم تعريف للحلم السعودي ولكن قبل ذلك لا بد من تعريف من هو السعودي وسأقوم بالاجتهاد أيضاً لتعريف من هو السعودي وهذه رؤية شخصية بحتة.

(فالسعودي هو المسلم العربي الموحد صافي العقيدة المتعلم العامل النافع لدينه ووطنه).

وكما سبق ذكره فالحلم الأمريكي يكاد أن يكون حلماً مالياً اقتصادياً إلا أن الحلم السعودي يشمل كافة جوانب الحياة الدنيا والآخرة.

ويمكن تقديم التعريف التالي للحلم السعودي (أنه بمزيد من الجد والاجتهاد والمثابرة وتقوى الله وبالعلم يمكن الوصول للنجاح).

مع ملاحظة أن الحلم الأمريكي والحلم السعودي كلاهما حلم فردي وليس له علاقة بتوجهات السياسة الخارجية لأي من البلدين يمكننا  البحث في الفوارق بين الحلمين كما يلي:

1-  الحلم الأمريكي حلم مادي بحت ويخص الجانب الاقتصادي في الحياة أما الحلم السعودي حلم شامل لأمور الدين والدنيا سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها.
2-  الحلم الأمريكي يعتمد على مبدأ أن الغاية تبرر الوسيلة وهذا غير مقبول في الحلم السعودي.
3-  الحلم الأمريكي قائم على أساس فصل الدين عن الدولة والحلم السعودي أساسه الدين.
4-  الحلم الأمريكي مجال لكثير من الخلط بين ما هو محلل ومحرم والحلم السعودي قائم على نبذ الحرام.
5-  الحلم السعودي نظراً لعدم قيامه على الثروة كأساس للنجاح يقوم على ميدان إنما الأعمال بالنيات.
6-  حدود الثروة وآثارها غير محدودة في الحلم الأمريكي بينما حددها الإسلام في الحلم السعودي.
7-  الحلم الأمريكي قائم على أساس أن المال مصدر السعادة وهذا مناقض للحلم السعودي الذي يركز على النجاح كمصدر للسعادة.
8-     كان الحلم الأمريكي ميسراً للبيض فقط أما الحلم السعودي فهو حلم الجميع بدون تفرقة.

وختاماً ماذا يعيق تحقيق الحلم السعودي ويمكن تلخيص أهم العوامل للحلم السعودي فيما يلي:

1-    البعد عن الله والتقصير في الشعائر والعبادات.
2-    العنصرية الاجتماعية.
3-    الفساد الإداري وشخصنة الأنظمة.
4-    المحسوبية والواسطة في غير حق.
5-    الأنانية وحب الذات وإقليمية التفكير.
6-    الركود الاقتصادي والبطالة.
7-    العجز عن إيجاد الأنظمة والتشريعات لشؤون الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
8-    عدم استشراف المستقبل والتخطيط الاستراتيجي فى كافة شئون الحياة.
إن  هذه العوامل منفردة أو مجتمعة تعد عائق هاماً لأي مواطن في تحقيق حلمه في النجاح الاقتصادي التجاري أو التعليمي المهني والحكومي الوظيفي أو كافة جوانب الحياة العملية.



*أحمد بن محمد اليوسف
إقتصادي وباحث في الشؤون الدولية
بريد إلكتروني amypersonal@yahoo.com                                       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق